دورة الزمن قصيدة الشاعرحسن منصور

 دَوْرةُ الزَّمَــن

==========----------------الشاعر حسن منصور

*************************

شَـقَّ المَسـيرُ وَطالَــتِ الأسْـفــارُ || بَيْــداءُ عُــمْـري كُلُّـها أخْـطــارُ

وَالدَّرْبُ صَعبٌ والصُّخورُ كثيرةٌ || وَالسَّـيْرُ حَـتْمٌ لـيـس فـيهِ خَــيار

يا صاحِبي ذهبَ الرِّفاقُ جَـميعُهُمْ || وَتَفـرَّقّتْ بهِمُ الـدُّروبُ وَطاروا

وَأنـا عَــلى آثارِهِـــمْ وَأُسَــدِّدُ الــ  || ـخُطُـواتِ حَتّى لا يَكونَ عِـثار

مُتَحَسِّسٌ مُـتَوَجِّسٌ مِن حـاضـِري || مُـتَرَقِّــبٌ ما أخْـفَــتِ الأقْـــدار

وَالنّاسُ مِثْلي عابِرونَ على المَدى || يَبْقى الطَّريقُ وَتَنتَهي الأعْمار

وَيَشُـدُّني المــاضي بِغَـيْرِ إِرادَتي || وَيُعـيدُ لي الرُّؤْيا وَنَحْنُ صِغـار

أيّـامَ كُـنّـا في المَـدارِسِ صِـبْــيَـةً || يَـتَـسابَـقـــونَ كَأنَّهُـــمْ أطْـــيـار

اللهَ مـا أحْــلى الصِّــبـا وَأَجَــــلَّـهُ  || في عَـيْنِ شـيخٍ شَـوْقُـهُ أزْهــار

لَحَـظاتُهُ في القـلـبِ نَبْــضٌ دائِــمٌ  || وَتُـضـيـئُـهُ فَـكَأنَّـهــا أقْــمـــــار

أيّــامَ كانَ يَعـيـشُ فـي بُـسْـتـانِــهِ  || وَالأصْدِقــاءُ لِـروحِهِ الأشْـجـار

ألـوانُهــا وَحَـفـيـفُـهـا وَنَسيـمُـهــا || وَطُـيـورُها وَالـنَّحْـلُ وَالأثْـمــار

هِيَ مَهْــرَجـانٌ لا يَزالُ مُـجَـسَّداً || دُنْـيـا بِهــا تَـتـمَــتَّـعُ الأبْـصـــار

وَيُحبُّ تِلكَ الأرضَ يَلـثِـمُ تُرْبَهـا || وَنُجــومُـهــا رُشْـــدٌ لـهُ وَمَــنـار

وَيُحـبُّ رائِحَــةَ الـتّـرابِ فَــإنَّــهُ || مِـسْكٌ مَـعَ النَّسَماتِ وَهْوَ غُــبار

وَيُحِسُّ فـيـها بِالسَّلامِ وَإنْ يَـكُـنْ || في كُــلِّ شِـــبْـرٍ جَـــنَّـةٌ أوْ نــار

************

هذي فِلسطـينٌ وَهـذا سِحْــرُهــا || فـي كـلُّ زاوِيَـــةٍ بِـهــا أسْــرار

هـذا هُـوَ الماضي تَدَفَّــقَ بِالحَيا || ةِ، كَأنّــهُ شَــلّالُـــهـا الـهَــــــدّار

إنّي أُسافِرُ في الزّمانِ وَلا أَعـي || مــا يَـسْـتًجِــدُّ بِسـاحَـتي وَيُـدار

أتَـلـومُني؟ مَـنْ ذا يَلومُ مُـتَـيَّـمـاً || عَـنْ حِــبِّهِ زاغَـتْ بِهِ الأبْـصار

في قـلـبِـهِ وِدْيانُـهـا وَجِــبالُـهـــا || وَرُبــوعُــها وَمــفـازَةٌ وَقِـــفــار

فـي قــلــبِـهِ دِفْءٌ وَرَيٌّ هــانِئٌ || بِهِـما تَجـودُ الشمسُ وَالأمْـطــار

وَالتينُ والزّيتونً وَالحُسْنُ الذي || نَطَقَـتْ بهِ الأشْجـارُ وَالأحْـجــار

وَالمسجدُ الأقصى وَمَجْـدٌ تالِدٌ || هُـوَ لِـلْـقُـلـوبِ مَـحَـجَّـةٌ وَمَــزار

هـذي فِلسطـينٌ وَأيْنَ مَـثـيـلُـهـا|| وَطـناً تَكامَــلَ حُـسْـنُـهُ الـبَـهّــار

يا عابِرينَ على هَوامِشِ أرْضِها|| تاريخُــنا في حِـضْـنِـهـا أسْـفــار

هـذي فِلسطينٌ إلى الْأبَدِ اسْمُها || نَحْـنُ الأصـولُ وَأنْـتُـمُ الأغْــيار

صُهيونُ يَخْدَعُــكُمْ وَكلُّ خَــديعَةٍ || أوْ كِـذْبَـةٍ فــيـها الحِــبالُ قِـصـار

رَثَّتْ حِبالُ الكِذْبِ وَالوَهْمُ انْتَهى || وَتَـقَــطَّـــعَ الأوْصـــالُ وَالأوْتـار

عَصَفَتْ بِبَيْتِ العَنْكَبوتِ صَواعِقٌ || وَغَـداً سَـتأتي النّارُ وَالإعْــصار

لنْ تَسْـتقِـرّوا فَـوْقَــها وَلْتَرْجِعـــوا || لِـبِلادِكُــمْ فَـهُـــناكَ الاسْـتِـقْــرار

وَلَنا بِهـا المُستقـبَلُ المَـوْصولُ معْ || تاريخِــنا، وَكَــيـانُـكــم مُـنْـهـــار

هــذي حُــقــوقٌ بِالجِهــادِ يُعـيـدُها || شَـــعْـبٌ أبِـيٌّ صــابِـرٌ جَــبّــــار

لـنْ تُـفْـلِـتـوا مِـنْ لَعْــنَةِ الـتّاريخِ، إنَّ الــــثّـأرَ آتٍ أيـهـــا الأشـــــرار

*******************************************************************


الشاعر حسن منصور

من المجموعة الرابعة عشرة (ديوان القوافل) ص 47

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

ليلة مباركة قصيدة الشاعرسيد حميد

في حب هاملت قصيدة الشاعر دياب سوسق

يكفي محبتكم قصيدة الشاعر عيسى دعموق