خواطر مسافر في طائرة قصيدة الشاعر محمد عصام علوش

 (خواطر مسافر في طائِرة)

لا شَـيْءَ يُـرعِـبُ قـلْـبَ الـمـرءِ كـالـسَّــفَـرِ  وأنـتَ في الـجـــوِّ فـي لُــجٍّ مـن الخـطَـرِ

بـيـن الــسَّـمـاءِ وبـيْـن الأرض لا أسُــــسٌ ترسـو عـلـيـهـا ولا صلـبٌ مـن الــحَجَـرِ

مـعـــلَّـقٌ دونــــمـا حــبْــلٍ تــلـــــوذُ بــــه  أو دون غـصــنٍ تُـرَجِّــيـه مـن الـشَّـجَــرِ

كـأنَّــمـا الــمـــرءُ مخـطــوفٌ ومُـرتَـهَــنٌ  في جَـوْفِ حـوتٍ ولكـنْ لـيس في الـنَّـهَـرِ

سُـبـحـان مَـن وهَـــب الإنـسـانَ أجـنـحــةً  في الطائراتِ كما الأطـيـار في الـصُّــوَرِ

سُـبـحـان مَـن عـلَّـــم الإنـسـانَ صــنعـتَـهُ  لـكـيْ يُـحـقِّــقَ مـا يـرجـــو مــن الــوطَـرِ

تـشقُّ فـوق الأثـيـرِ الـرَّحـبِ دربَ هُـدًى  فـتـمـتطي الغـيْـمَ في لَـمْـحٍ مـن الـبـصَـــرِ

وتـقـطـعُ الـكـوْن فـي يُـسْـرٍ فـتحــسـبُـهـا  كـالـمـاردِ الـمُــبـتـغـي دربًـا إلى الـقـــمَـرِ

مـا هــابـتِ الـلَّـيْـلَ في إطـبـاقِ عَـتْـمَـتـهِ  ولمْ تُـرَع من شُـعـاعِ الـشَّــمـسِ كالـشَّـررِ

كـمْ حـلَّـقــتْ فــوق بـحـرٍ دونــمـا وجَـلٍ  وكـمْ عَـلَـتْ فــــوْق أطــوادٍ بــلا ضـــرَرِ

والـنَّـاسُ فـيـهـا كـمـا هُــمْ في بُــيـوتِـهِـمُ وقـد يخـوضـون في حُـلْـوٍ مـــن الـسَّــمَـرِ

ما بـيْـن أكْـلٍ وشُرْبٍ واقــتـطـافِ مُـنـى  تمضي السُّوَيْـعـاتُ نُسغًا سال في الـعُـمُـرِ

يا أيُّـهـا الـرَّاكــبُ الـمـزهُــوُّ فـي جَــذَلٍ  كـراكـبٍ لـبـســـاطِ الــرِّيــحِ فـي الـفِــكَــرِ

ما أجـمـلَ الـعِـلْمَ  يبني مُـبـدعًـا صوَرًا   كـانـتْ كـأضـــغـاثِ أحـلامٍ لـدى الـعُـصُرِ

وأقـبَـحَ الـعـلْـمَ في اســتِـنسـاخِ أسلـحـةٍ  تُـدمِّــرُ الـكـوْنَ لا تـبـــقـي عـلـى الـبَـشَــرِ

شـتَّـان بـيـن حـضاراتٍ نــمَـــتْ قُـدمًـا  وبـيـن مَـن  قـد أشـاع الحـزن فـي الـزهَـر

كنْ في التَّسامي كما في الـجــوِّ طائـرةٌ  وفي الـطُّــمــوح كـطَـوْدٍ شــامـخِ الـغُـرَرِ

وأشْـبِـهِ الـنَّـسر في الـتحـليـقِ مُـبـتـدرا إلى الأعـالي وَدَع  مَـن غـاص في الحُـفَـر

وكـنْ جـمـيـلًا كـعِـقْـدِ الــدُّرِّ مـؤتـلِـقًـا  وفي الـعــذوبـةِ مِـثْــلَ الـعـــودِ والـــوَتــرِ

واشكـرْ إلـهَ الـورى إمَّـا سَلِـمْـتَ وقـلْ  اَلــحــمْـــــدُ لله فــي حِـــلٍّ وفــي سَـــفَــر

محمد عصام علُّوش


16/شعبان/1445هـ ـ 26/شباط/2024م

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

بعضي يئن قصيدة الشاعر الاستاذ طالب الفريجي

وحي وهدى قصيدة الشاعر احمد زكي سعادة

حييت غزة قصيدة الشاعر فيصل سليم التلاوي