واذكر بفخر قصيدة الشاعر محمد عصام علوش
(من ديواني غير المطبوع صفحات في ذاكرة الزَّمن)
ـ مع مصعب بن عُمَيْر رضي الله عنه ـ
بعد استشهاده في معركة أحد، مرَّ عليه النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلم مقتولًا، فقرأ الآية: "مِن
المُؤمنينَ رجالٌ صَدَقوا ما عاهَدوا اللهَ عليه، فمِنهُمْ مَن قضى نحْبَهُ، ومِنهُمْ مَن يَنتظرُ، وما بَدَّلوا
تبديلا"
واذكـرْ بـفـخـرٍ واعـتــزازٍ مُـصــعَــبـا قـد كان في الصَّحبِ الكِرامِ الكـوْكـبا
وهـو الـفـتى الـقُـرشيُّ عـاش مـنـعَّـمًـا وهـو الـذي حـاز الـشَّـبـيـبةَ والصِّـبـا
مــا كــان يـلـبَــسُ مِـثْـلَـهُ مِـن لابــسٍ حُـلَـلَ الـحــريـرِ مُـطَـرَّزًا ومُـذَهَّــبــا
والـعِـطـرُ مِـنـهُ يـفـوحُ فـوْحَ حـديـقـةٍ هـبَّـتْ عـلى أزهـارهـا ريـحُ الـصَّـبـا
والحُسنُ فـي الـوجهِ الـصَّبيحِ يُـنـيـرُهُ وكـأنَّ يـوسُـفَ قــد حـبـاهُ الـمـشــرَبـا
والأمُّ تُــغــدِقُ لا تَــضِــنُّ بــمـــالِـهـا مِـثـلَ الـغـمامةِ حـيـن تطـلُـبُها الـرُّبا
كـم كـان يحسُدُهُ الحسودُ عـلى الَّـذي قـد كان فـيـهِ مـن الـغِـنى مُـسـتَـعـذَبا
لــمَّـا أضــاءَ الـدِّيـنُ آمَـن مُـصعَــبٌ بــاللهِ كـــان الــصَّـادقَ الـمــتــوثِّــبـا
فـدرى بــه أهـلـوهُ وهــو لَـدَيْـهِـمــو قـد خـالـفَ الآبــاءَ أو فــيـهـمْ صَــبـا
فـرَمَـوْهُ في سـجـنٍ يـذوق عـذابَـهُـمْ وسِـيـاطِـهِـمْ كــيْـمـا يـثـوبَ ويَـرهَـبـا
حَـرَمـتـهُ مِـن عـيْـشِ الـمُـنـعَّـم أمُّـهُ وقـسـا عـلـيـهِ الـقَـــوْمُ حـتَّـى يـتـعــبـا
لــكــنَّـــهُ كــالـطَّــوْدِ في إيــمـــانــهِ لـمْ يـخـشَ يـومًا أنْ يـمــوت مُـعــذَّبـا
كــان الــرَّسـولُ إذا رآهُ رثـــى لــهُ ولـحــالــهِ مـا كـان هــذا مُـصــعَــبـا!
ذهَـب الـنَّـعـــيـمُ وأدبَــرَتْ أيَّــامُــهُ لـكــنَّــهُ كــان الـقـــويَّ الأصــلَــبــا
إنْ قــيـل أولى الـهِـجْـرتـيْـن فـإنَّـه عـرَف الـرِّسـالـةَ رِبـحَـهُ والـمَـكْـسَـبا
وغدا سفيرَ الـمصطفى الهادي إلى أهـلِ الــمــديــنــةِ داعِــيًــا ومُـرغِّـبـا
نِـعْمَ السَّفـيـرُ ونِعْـمَ مـا يسـعـى لـهُ يـهـدي الـقـلـوبَ إلى الإلـهِ لِـتُـعـشِـبـا
ويُـعــلِّــمُ الـنَّــاسَ الـقُـرانَ بـهِـمَّــةٍ وعــزيــمـةٍ مـا كـان مـنـهـا أرحَـــبـا
فـغـدتْ بـطيْـبةَ لـلـرَّسولِ مَـعـاهِـدٌ تـدعــوه أنْ يَـــرِدَ الـدِّيــارَ ويَـقــرَبــا
حـمـلَ الـلِّـواءَ بـيـوم بـدرٍ فـارسًا تَـخِـذ الـبـطولةَ في الـمعـاركِ مَـذهَـبـا
وانــهــال في أحُـدٍ عـلـيـه عَـدُوُّهُ وهـو الَّـذي مـا كـان فــي يــوْمٍ كَــبــا
قـطع الـيَــدَ الـيُـمـنـى فـآل لـواؤُهُ نـحـو الـيَـدِ الـيُسرى لـكـيْـلا يُـحـجَـبـا
لـكـنَّـمـا قُـطِعــتْ كـذاك شـمـالُـه فـحـــنـا عــلـيـهِ يـضُــمُّـه ضَــمَّ الإبــا
يـتــلـو كــتـابَ اللهِ دون تـخَـوُّفٍ مـا كـان يرهَـبُ مـن مُـعـانـقـةِ الظُّـبـا
فـأصابــه رُمـحُ الـعـدُوِّ بـطـعـنةٍ وأتـى إلى الـهـادي بـمَــقــتَـلِـهِ الـنَّــبـا
فـبـكـى عـلـيـه مُـعـايـنًـا لـكسائهِ ما كان في الأكـفـانِ وفَّى الـمـطـلَـبـا
كـانــوا إذا غـطَّـوْا بــهِ أقــدامَـه يـتـكـشَّـفُ الـوجـهُ الـبـهِـيُّ مُـخـضَّـبـا
بـوركتَ يابن عُمَـيرَ كنت مقرَّبًا عــنـد الـنَّـبـيِّ وقــد رحَـلْــت مُـقــرَّبـا
هـذا هـو العِـطرُ الـذَّكيُّ وفـوْحُهُ في جــنَّـةِ الـرَّحـــمــنِ كـان الأطـيَـبـا
هــذا هــو الإســلامُ إنَّ لُــيــوثَـه كـانـوا جـمـيـعًـا في الـبسالةِ مُـصعَـبـا
محمد عصام علُّوش
22/شعبان/1445هـ ـ 3/آذار/2024م
تعليقات
إرسال تعليق