مات الحب ومات الجمال قصيدة الشاعر سامر الشيخ طه
قصيدة في رثاء أمي بعنوان:
( مات الحب ومات الجمال)
ماتَ عهد الصفا ومات الهناءُ
يوم ماتت أمي ومات الضياءُ
أظلم الكون واكتسى بسوادٍ
وبدتْ غير ماهي الأشياءُ
كل شيءٍ لموتها راح يبكي
وهو من شدة الأسى مستاءُ
قيلَ ماتت فقلتُ ضاعت حياتي
بئس ما خبَّرتْ به الأنباءُ
فأنا صرتُ بعد أمي يتيماً
لم يعوِّض فراقها الأبناءُ
فحياتي من بعدها دون معنى
فهي للروح والفؤاد الغذاءُ
وحياتي من بعد أمي جفاءٌ
وحياتي من بعد أمي شقاءُ
آنَ يا أرض أن تثوري حداداً
آنَ أن تمطري أسىً يا سماءُ
*****************
مات عهدٌ من الحياة رغيدٌ
وتوالتْ من بعده الأرزاءُ
فلقد جفَّتِ الينابيع حزناً
ولقد حلَّ في حياتي البلاءُ
وسيمضي فصل الربيع بعيداً
ثمَّ يأتي بعد الربيع الشتاءُ
لن يجيءَ الصيف الذي كنت ترجو
سوف يا صاحبي يخيب الرجاءُ
هكذا الخير لا يدوم طويلاً
حين يمضي عن دهرنا الأتقياءُ
*********************
مات كلُّ الجمال والحبِّ في الأر
ضٍ وماتت بموتها الآلاءُ
لم يعد للحياة طعمٌ ولونٌ
كلُّ شيءٍ من بعد أمي هباءُ
صار عيشي بعد الفراق جحيماً
فلقد أسرفَ الضنا والداءُ
لم يَرِقْ لي من بعدها طيبُ عيشٍ
لم يرق بعدها طعامٌ وماءُ
حين ماتت أمي حياتي وموتي
إن أعش أو أمت فذاك سواءُ
****************
حين ماتت أمي غدوتُ وحيداً
لم يعوِّض خسارتي الأصدقاءُ
صحتُ أمي فلم يردني جوابٌ
واختفت بعد ذلك الأصداءُ
ساد صمتٌ من شدة الحزن لمَّا
ضاع صوت الصدى وضاع النداءُ
ليتني لم أعش لأشهد يوماً
فيه ماتت أمي وغاب الرجاءُ
موت أمي جرحٌ بقلبي عميقٌ
نازفٌ ليس من أساه شفاءُ
ليتني كنت أستطيع فداءً
لك بالروح لو يجوز الفداءُ
***************
غشتِ ماعشتِ في الحياة بصمتٍ
مثلما عاش قبلك الأولياءُ
ولقد متِّ كالنسيم بصمتٍ
لم تعكِّر سكونه الأجواءُ
مثلُ أمي لم تعرفِ الأرض أمَّاً
لم تلد قبلها كأمي النساءُ
فهي كانت مثل الملائكِ طبعاً
لم تكن تستميلها الأهواءُ
ليت شعري هل يبلغ الشعر وصفاً
لمزايا أمي ويجدي الرثاءُ
أم سيبقى الشعر الذي قيل فيها
قاصراً إن أجاده الشعراءُ
*****************
عشتُ عمري أعبُّ من نهر حبٍّ
وعطاءٍ وكان نعم العطاءُ
غير أني ما زلت أرجو مزيداً
من رضاها فلم يصبني ارتواءُ
فرضاها كأنه لحياتي
دفءُ قلبي ونبضه والهواءُ
كنتِ للجرح بلسماً وشفاءً
بعدك اليوم لن يفيد الدواءُ
****************
كل يومٍ جنازةٌ وعويلٌ
وبكاءٌ وشاشةٌ سوداءُ
قدرٌ أن نموتَ والموتُ حقٌ
من سينجو إذا أتاه القضاءُ
كل ما في الوجود يوماً سيفنى
ولقد مات قبلنا الأنبياءُ
كل شيءٍ يموت والله يبقى
ولنا إن نمت بذاكَ العزاءُ
لم يعد ينفع الذي مات إلا
صدقاتٌ لأجله والدعاءُ
*******************
يا إلهي نوِّر بفضلك قبراً
فيه أمي لتسطع الأضواءُ
واجعل القبر روضةً من نعيمٍ
فإذا القبر جنةٌ غنَّاءُ
واكسٍ أمي من سندسٍ وحريرٍ
حيث يحلو من الحرير الرداءُ
يا إلهي أنزل على القلب صبراً
وامنحِ القلب من رضاً ما تشاءُ
واجزني إن صبرتُ بالصبر عفواً
عن ذنوبي وذاك نعمَ الجزاءُ
تمت في ٨ _ ٧ _ ٢٠٢١
المهندس: سامر الشيخ طه
تعليقات
إرسال تعليق