لضة الكرم قصيدة الشاعر نواف عبد العزيز
لِصَّةُ الكَرْمِ
الــكَــرْمُ يُـسْـكِـرُ أم مِـنْ ريــقِــكِ الــرّاحُ
يـا لِـصَّـةَ الـكـرمِ أم فـي الـكـرمِ أشـبــاحُ
يــا لـصــةَ الــكـرمِ مـا كــرمٌ ومـا عِـنَـبٌ
وقِــصَّــةٌ كـانْـتـشـــارِ الــنّــارِ تــجــتــاحُ
وثُـلّــةٌ أبـصــرَتْ فـي الــكـرمِ سـارقَــةً فـأيـقَـظـوا الـذُّعْـرَ بـيـن الـنـاسِ إذْ صـاحـوا
قـد راعَـهُـمْ مـا رَأَوْا فـي الـلـيـلِ مِـنْ عَـجَـبٍ
ضـوءاً يُـشِـعُّ ومـا فـي الـكـرمِ مِـصـبــاحُ
فـالـشـهـرُ أَوَّلُـه و الـلّـيـلُ آخــرُه
فـلـيـس إلّا و يُـحْـيــي الـفـجـرَ إِصْـبــاحُ
عـاجَـتْ بِـمِـرْزَحَـةٍ مِـنْ تـحـتِ دالِـيَـةٍ
فـي عَـتْـمِ داجِـيَــةٍ و الـوَجْـهُ وَضّــاحُ
حـســنـاءُ تـقْـطِـفُ عُـنْـقــوداً لِـتَـنْـبِــذَهُ
فـي الـمـاءِ خَـمْـراً و عـنـدَ الـسّـورِ لُـمّـاحُ
و حــاولـتْ تَــتَـخَــفّــى مـن مُـشــاهَــدَةٍ لـكـنّـمــا الـلـيـلُ لـلأضــواءِ فَـضّــاحُ
و مــا تَــخَــفَّـــتْ حَــيــاءً ، لا و لا وَجَـلاً
وســوف يَـجْـلــو غـريـبَ الـفِـعْـلِ إيـضــاحُ
تَـبَـطَّــحَ الـنّـاسُ إذْ حَـسَّـتْ بِـرُؤْيَـتِـهِــمْ
لـهــا كـأنَّـهُــمُ و الـحــالُ رُزّاحُ
مـالـتْ إلـى جِـهــةِ الـعُـسّـاسِ تَــرْمُـقُـهُــم
رَمْـقَ الـصُّـقـورِ و إنَّ الـصّـقـرَ لَـمّــاحُ
فـهـابَـهُـمْ مِـنْ جَـلالِ الـحُـسْـنِ مـا لَـمَـحـوا
و حَـسْــبُـهُـمْ مِـنْ جَـمـالِ الـزَّهْــوِ إلْـمــاحُ
* * * * *
ثُـمّ انْـجَـلـى الـسِّـرُّ مَـفْـضـوحـاً عـلـى وَضَـحٍ
غَــداةَ أوْشَــكَ ضــوءُ الـصـبـحِ يَـنْـصــاحُ
هــا إنَّـهــا رَبَّـةُ الـبُـسـتـانِ قــد أرِقَـتْ فَــحَــثَّــهـــا لِــوُرودِ الــرَّوْضِ نُـصّــاحُ
فــقــد يـكــونُ بــه لـلــرّوحِ تَـسْــلِـيَــةٌ
عَـمّــا تُـكـابِــدُه و الـجِـسـمُ يَــرْتــاحُ
وأمـسَــكَـتْ ثَـمَّ عُــنْــقـــوداً لِـتَـقْـطِـفَــهُ فـطــاحَ مِـنْ حُـســنِـهــا و الـحـسـنُ طَــوّاحُ
كــأنَّــهُ ثَــمِــلٌ مِـنْ مَــسِّ راحَــتِــهـــا
فَــيــا هَـنــيــئــًا لِـمــا قــد مــسَّـتِ الرّاحُ * * * * *
فـي الأربـعـيـن جُـمــوحُ الـخـيــلِ واثِـبَــةً تـخــتـــالُ واثِـقَــةً و الـخــيـــلُ طَـمّــاحُ
جـمـيـلــةُ الـقَــدِّ مَـكْـنــوزٌ جــوانِــبُـهـــا كـالـرُّمـحِ يَـخْـشــاه ســيـّـافٌ و رَمّــاحُ
بـحــرُ الـعــيـــونِ لــه مَــدٌّ و لـيـس لــه
جَــزْرٌ فـكـيــف يُـطـيــقُ الـعَــوْمَ سَـــبـّـاحُ
و كــيــف تُــسْــفِــرُ لِـلْـنــوتِــيِّ وِجْـهَـتُــه وكــيــف يَـسْــطـيـعُ حَــدْسَ الــدَّرْبِ مَــلاّحُ
كـأنّـمــا الـحُـسـنُ كُـلُّ الـحـسـنِ مُـجْـتَـمِـعٌ
فـي حـسـنِـهــا و مَـلـيــكُ الـحـسـنِ ذَبّــاحُ
رمـتْ فــؤادي بـســهـمٍ غـيـرِ ذي جَـنَـفٍ
و الـلّـحْـظُ كـالـســهـمِ فـتّــاكٌ و ســفّــاحُ
* * * * *
يـا لـصــةَ الـكـرمِ مـا كـرمٌ و مـا عـنـبٌ
و أنــتِ أيْــكٌ و أشـــجــارٌ و أدْواحُ
و غُــصْـنُ قَــدِّكِ أثْــمـــارٌ مُــعَــلَّــقَـــةٌ
بــه، تَــمـــوجُ بــهـــا و الــقَـــدِّ أرْيــاحُ
و واحــةُ الـخـدِّ بـالـنِّـسْـريـنِ قــد أرِجَـتْ
يـا مــا أُحَـيْــلــى أريـجـــاً بَــثَّــتِ الــواحُ
و ثَــمَّ دالــيـــةٌ فـي الـصَّــدرِ عــامِـــرةٌ يــخــتــالُ بــالـعــنــبِ الـمـحـمــولِ تـفّــاحُ
يـجــوبُ فـي روضِـهــا الـفَـيْـنـانِ مُــنْــتَـهِــلٌ
يَـهْـمـي إلـيـهــا غَـلـيــلُ الـقـلــبِ مُـلـتــاحُ
يـهــيــمُ فـي أيـكـةٍ حــيــرانَ مِـنْ نِـعَــمٍ فــيـّــاحَــةٍ و غَــديــرُ الـــرَّوْضِ سَــيّــاحُ
قُـطـوفُـهــا مِـنْ شـِــغـافِ الـقـلـبِ دانِـيـــةٌ
و ظِـلُّـهــا و الـجَـنـى دانٍ و فَـيّــاحُ
أفـنـانُـهــا و الـجِــنــانُ الـخُـضْــرُ وارِفَــةٌ يَـطــيــبُ فـي فَـيْـئـِهــا مِـنْ ريـحِـهــا الــرّاحُ
عَـبـيـرُهــا مُـنْـعـِـشٌ لِـلـــرّوحِ إذْ عَـبِـقَــتْ
بـــه مَــفــاتــنُـهـــا و الــنَّــحْـــرُ فَـــوّاحُ
* * * * *
يـا لـصـةَ الـكـرمِ إنّـي ظـامِـئٌ عَـطِــشٌ
فـهـل يُـرَوّى بِـمُـزْنِ الـوَصْـلِ مِـلْــواحُ
هـاكِ امْـلَـئـي مِـنْ سُـلافِ الـثَّـغْــرِ لـي قَـدَحـاً لَــطــالَــمــا امْــتَــلأتْ بـالـخَـمْــرِ أقْــداحُ
هـلِ الـمُـعَـتَّـقَـةُ الـصَّـهْـبـاءُ قــد عُـصِـرَتْ
مِـنَ الـعَـنــاقـيــدِ أم مِـنْ فــيــكِ تَــنْــســاحُ
لا سُـكْـرَ أرجـوه مـن تَـمْــرٍ و مـن عـنـبٍ
و ريــقُــكِ الـعَــذْبُ مَـعْـسـولٌ و نَـضّــاحُ
و مـن شِــفـاهِــكِ أبـغــي مَـنْـهَــلاً خَـصِـراً
حُــلْــوُ الـلَّـمـى و سُــلافُ الـرّيــقِ مِـمْــراحُ
لا أرتَـجـي سَــكَــراً مـن خـمــرِ دالــيـــةٍ
ض مـن سَـلْـسَـلِ الـرّيـقِ بـاغـي الـسُّـكـرِ يَـمْـتــاحُ
قـد أُسْـكِـرَتْ بـالـطـلـا الأجـسـامُ وارْتـعَـشَـتْ لــكــنَّــهـــا انْـتـعَــشَــتْ بـالـحـسـنِ أرواحُ
يُـجْـلـى بـهــا الـهـمُّ مـن شُـرْبٍ و رائـحـةٍ
و يُـسْــتـعــاضُ بـــه و الـحُــزْنِ أفْــراحُ
يـا لـصـةَ الـكـرمِ قــد جَـرَّحـتِ خـافِـقَـتـي بِـلـحْــظِ طَــرْفِـــكِ إنَّ الـلّـحْــظَ جَــرّاحُ
إنّـي ، و مُـذْ قَـطَـفَــتْ كَـفّــاكِ ســارقَــةً
فـي ظَـنِّـهــم عِــنَــبــاً، بِــالـشِّــعْــرِ صَــدّاحُ
حــتّــى أُؤَرِّخَ بــالأشْــعــارِ واقِــعَـــةً
كــمـــا يُــؤَرِّخُـهــا سِــفْـرٌ و إصْـحــاحُ
تَــنَــزَّلَــتْ فــيــكِ بــالأنْــبــاءِ قــافــيــتــي
كــمـــا تَــنَـــزَّلُ بــالآيـــاتِ أَلْـــواحُ
تَـنـاهَــبَــتْــهــا قُــلــوبُ الـعـاشــقـيـنَ لـكـي
تَـتْـلــو هَــواكِ و أهــلُ الـعِــشْــقِ شُــرّاحُ
يـا رَبَّــةَ الـحـسـنِ كَـمْ أوْحَـيْـتِ قـافــيــةً
و الـعــاشـقـونَ فـكـم جــاؤوا و كـم راحـوا
و كـم شَــمَـخْـتِ و حَـقُّ الـحـسـنِ مَـنْـزِلَــةٌ
تَـــرْنـــو إلــيــهـــا أمــانِــيٌّ و أطْــمـــاحُ
فَـلْـتَـشْـمـخـي فـوقَ هــاتـيـكِ الـنـجــومِ فـقــد أوْمَــتْ إلـيــكِ و فـي الإيــمــاءِ إفْــصــاحُ
و قُـلْـنَ هـاكِ اعْـتـلـي عَـرْشــاً ومَـمْـلَـكَــةً
فــقــد خَـلَـتْ عـنـدنــا مِـنْ مِـثْـلِـكِ الـسّــاحُ
كـأنَّـمــا أنـتِ مِــنّــا مَــحْــضُ جَــوْهَـــرَةٍ
نَـصْــبــو إلـيـهــا و فـي الأشــواقِ إلْـحــاحُ
لـك الـصـَّــدارةُ فــيــمــا بــيـنـنــا و لـنــا
بـكِ اعْــتِـــزازٌ و لِـلْــعُـــذّالِ أنْـــواحُ
* * * * *
يـا لـصــةَ الـكــرمِ كـم أَغْـلـقْـتِ مِـنْ مُـهَــجٍ
مِــنّــا عـلـيــكِ و فــي كَــفَّــيْــكِ مِــفْــتـــاحُ
وكـم سَـكِـرْنـا بِـسُـكْـرَيْـنِ انْـجَـلَـتْ بِـهِــمــا
عَــنّــا هُــمـــومٌ و زالــتْ ثَــمَّ أتْـــراحُ
و الـمُـسْــكِـرانِ هُــمــا كــرمٌ و لـِـصَّــتُــه
يــا لـصـةَ الـكــرمِ أنـتِ الـكــرمُ والــرّاحُ
م. نواف عبد العزيز (أبو عبادة)
14/12/2021
تعليقات
إرسال تعليق