ماذا لو قصيدة الشاعر د.يونس ريا

 ماذا لَوِ اجْتُزِئَ الكلامُ ولمْ يَفِ ؟

بِأقلَّ ما يُرجى مِن الخلِّ الوفيْ !


أو جاءتِ الألفاظُ دونَ عنايةٍ

مَرصوفةً بِتَصنُّعٍ  وتَكلُّفِ !


فبَدا الحوارُ مُجرَّداً مِن أيِّ نبضٍ 

مُستفيضٍ دافقٍ و مُرَفرِفِ ..!


وغدا الأنامُ على اختلافِ طباعِهمْ

خالِينَ مِن أيِّ انفعالٍ عاطفيْ


أوَ لمْ تَعدْ تلكَ المعاييرُ التي 

كانت تُحلِّقُ بالمواهبِ .. تَحتفي ؟


بالفنِّ والآدابِ ! إذْ بدؤوا يَكيلونَ

انتِقاداتٍ لها مِن غيرِ أيِّ  تأسُّفِ


أَ حَرا بنا أنْ نَستكينَ ونَكتفيْ ؟

أمْ نُستَثارَ بِلوعةٍ وتلهُّفِ ..؟


لِسماعِ  رأيٍ قاصرٍ 

وجفاءِ صدٍّ سافرٍ 

وجنونِ ردٍّ مُجحِفِ !

..

حَتَّامَ نُذعِنُ لِلقراراتِ التي 

قد جُيِّرَتْ لِتُهينَنا بِتعسُّفِ؟


وندورُ في فلكِ القطيعِ مُهادِنينَ 

ومُبتَلِينَ بِفرطِ سوءِ تَصرُّفِ ..!


ونقومُ باستهدافِ بعضِ فنونِنا 

وعلى الأخصِّ الرّقص يا لَلمُؤسِفِ !


أنْ نَستهينَ ونستخفَّ بِقَدرِهِ 

وبِذِكرِهِ ،  بتَهكُّمٍ .. وتأفُّفِ


وكأنّهُ طفلٌ لقيطٌ قدْ رَبا

في حضنِ شعبٍ مُدنَفٍ مُتخلِّفِ


معَ أنّهُ فنٌّ لهُ أركانُهُ

لكنَّهُ لمْ يَحظَ قطُّ بِما يَفي !


لمْ يُعطَ حقّاً أو يَنلْ غيرَ انتقاصٍ

قادَ لِاستِسخافِهِ بِتعجرُفِ


وهو الذي ذُكِرتْ لهُ أمجادُ كانتْ

وُثِّقَتْ بالرّسمِ أو بالأحرفِ


وتراثُنا ومراجعُ التّاريخِ تشهدُ

كلُّها وتُشيرُ لِلفنِّ الخفي


وتُشيدُ بالدَّورِ الذي أدّاهُ فنُّ

الرّقصِ في التّيسيرِ دونَ تَوقُّفِ


إذْ قادَ لاستحداثِ أنماطِ 

ابتهالاتٍ على أيدي رموزِ تصوُّفِ !

أنا لستُ في صددِ انتقادٍ أو دفاعٍ

عنْ قرارٍ مُجحِفٍ لا مُنصِفِ


لكنَّ لي بعضاً مِن الأفكارِ قدْ

تُفضي لِرصدِ وسَبرِ غورِ الموقفِ

مَنْ لامَ فنَّ الرّقصِ ليسَ بِمُنصِفِ

فالرّقصُ شعلةُ نورهِ لا تَنطفيْ


كَبَريقِ نجمٍ مُستَطيرٍ في الفضا

لا يَنتهي إشعاعُهُ .. لا يَختفي


لولا التّراقصُ ما استقامَ وجودُنا

فهو المحرِّكُ ضمنَ عالمِنا الخَفيْ


والرّاقصاتُ يَقُدنَ دفّةَ مركبٍ

يُبْحِرنَ دونَ مهابةٍ وتخوُّفِ


والرّقصُ يَضبطُ نبضَ إيقاعاتِنا

وبهِ القلوبُ المُستثارةُ تَقتفي


فتَبيَّنوا أفضالَهُ بينَ الورى

ثمّ احكموا مِنْ غيرِ أيِّ تفَلسفِ


ودَعوا ضمائرَكمْ تخبِّركمْ فقدْ

تُنْبيكُمُ عنْ سوءِ فهمٍ مُجحفِ

 

تَدعوكُمُ لِإعادةِ التّفكيرِ

والتّقييمِ بعدَ تفهُّمٍ وتَكيُّفِ !


هلْ ذنبُ راقصةٍ أمامَ النّاسِ

أكثرُ حرمةً مِن فعلِ شيخٍ لم يفِ


بِعهودِهِ معَ ربِّهِ قبلَ الأنامِ

ومِن فَتاوى خالفتْ لِلمُصحفِ !؟

..

الرّقصُ فنٌّ قادرٌ أن يَستمرَّ 

بِذاتِهِ .. أ عَرَفْتَ أمْ لمْ تعرفِ !


والأمرُ نسبيٌّ وتلكَ قناعةٌ

فاسمعْ كلامي إن أردتَ أوِ انْسِفِ


فَبِهزَّةٍ مِن خصرِ راقصةٍ نَرى 

الكونَ استحالَ إلى ربيعٍ مورِفِ

قُولوا لِمن بخسَ الفنونَ وأهلَها

و سعى إلى إجهاضِها ..لا تُجحِفِ


إنّ الفنونَ تَعدَّدتْ أشكالُها

وتَساوقتْ معَ كلِّ قدٍّ أهيفِ


والرّقصُ مَثَّلها بِأحسنَ ما يكونُ

وليسَ ذلكَ بالغريبِ ولا الخَفيْ


و مَنِ ادَّعى عكسَ الذي قد قيلَ

عنهُ فَيا لَهُ مِن مُستطيرٍ أجوفِ !


أفكارُهُ قصُرتْ عنِ استِجلاءِ 

واسْتِبيانِ سرِّ حقيقةٍ لمْ تُكشَفِ


و لَربَّما القدُّ الذي إمَّا تأوّدَ

بَانُهُ .. يُعطيهِ درساً قدْ يَفي


أو قد يقيهِ منَ انتقامِ مُنافحٍ *

لَو طالَهُ لَرَماهُ دونَ تَرؤُّفِ


فالفنُّ كلٌّ لا يُجزَّأُ طالما 

لمْ يَتَّضِعْ أو يُبتذَلْ و يُسَخَّفِ


أحْرى بنا أنْ نمنعَ استهدافَهُ

بالقولِ لِلمُستاءِ منهُ : توقَّفِ

…..

هلْ ياترى ؟ أوفيتُ فنّاً كامِناً 

بينَ الورى ما يقتضي ، أمْ لمْ أفِ !


حقَّاً توجَّبَ صونُهُ و بِحسبِ ما

يُمليهِ صوتُ العقلِ دونَ تخوُّفِ


فعسى تُعادُ لهُ الحقوقُ و ذا لعمريَ

عهدةٌ وأمانةٌ في مَعطَفي *

……

إنّي كتبتُ قصيدتي هَذي بِنبضِ 

مُدافعٍ عن حالةٍ بِتصرُّفِ ..!


مِن وجهةِ النّظرِ التي اعتادتْ 

مُحاباةَ الفنونِ بِكلِّ حسٍّ مُرهَفِ


لا لستُ أكتبُ عنْ تَبَنٍّ مُطلقٍ

وقناعةٍ .. أو مِن قبيلِ تزلُّفِ


إذْ إنَّ رأيي ليسَ مُنطبِقاً على 

ماجاءَ قبلاً ، لا وحقّ المُصحفِ .

—————————————-

د.يونس ريّا

*مُنافح : مُدافع

*


مَعطَف الرّجُل : عُنُقُه

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

بعضي يئن قصيدة الشاعر الاستاذ طالب الفريجي

وحي وهدى قصيدة الشاعر احمد زكي سعادة

حييت غزة قصيدة الشاعر فيصل سليم التلاوي