حي الجمال قصيدة الشاعر ياسين عزيز حمود

 حيِّ الجمالَ

حيِّ الجمالَ , وفِضْ في مَدحِ باريهِ

هذي القوافي وَمِيضٌ مِنْ تلاليهِ

أُسامرُ الرُّوحَ كالنّجوى ,  أُجاذِبُها

أستلهمُ النّورَ من معنى تجلّيهِ

أكادُ ألمحُ في الآفاقِ بارقةً 

أكادُ أُصغي لترتيلٍ وتنزيهِ

كالشّعرِ أنتِ , وكالغاباتِ ساحرةً

كالحلمِ أنتِ بلا وشْيٍ , وتمويهِ

يا مَيُّ: أنتِ - ملاكُ الشِّعرِ يُلهِمُني-

فيضُ  الجمالِ تجلّى في مجاليهِ

أسلمْتِ قلبي لأحلامٍ تؤرِّقُني 

فزدْتُ شوقاً , ولا أُصغي لواشيهِ

في البالِ كنْتِ وفي الأجفانِ ماثلةً

طيفاً عزيزاً على الأيَّامِ أُفديهِ

والخالقُ الفردُ يحبُو الخلقَ- بعضَهُمُ-

حُسْناً فريداً تسامى منْ معانيهِ

والخالقُ الفردُ زانَ الحُسنَ دلَّلهُ

حَباهُ لطفاً , وبعضاً مِنْ لآليهِ

والخالقُ الفردُ صاغَ الحُسْنَ مُمْتَنِعاً

عمّنْ يُجاذبهُ , أو كادَ يُجنيهِ

 

وذروةُ الحُبِّ أن ْ ينأى بصاحبهِ 

صبّاً عفيفاً , رقيقاً في تجنّيهِ

مِنْ مَعْدِنِ الرّوحِ حاكَ اللهُ حِلّتَهُ

فازّينَ الرَّوضُ إذْ ناحَتْ سواقيهِ

وغرَّدَ الطّيرُ نشواناً على فننٍ

دانٍ , لطيفٍ تمادى في تثنِّيهِ

هذا الجمالُ , وما أدري أمُعجزةٌ؟

مِنْ أينَ ؟ كيفَ أسمِّيهِ ,أُناديهِ؟!

كيفَ التفَتُّ ففيهِ الحُسنُ يُدهِشُني 

روحٌ لطيفٌ تماهى في نواحيهِ

هذي الظلالُ أمِنْ أجفانِها ورَفَتْ 

أم غابةُ الآسِ في أنحاءِ واديهِ؟!

تبارك َ اللهُ ! هذا الحُسْنُ آيتُهُ

تنزّهَ اللهُ عنْ وصفٍ وتشبيهِ

حيِّ الجمالَ  , وطفْ في الركنِ مُرتشفاً

خمرَ العيونِ , وراحَ الحُبِّ مِنْ فِيهِ

شوقي إليكِ , وأَحلامي , وخافقتي

فالحُبُّ أنتِ تسامى في مراقيهِ

أنتِ الدِّيارُ , وأحبابيْ ومملكتي 

والشّعرُ يورقُ , بل تندى قوافيهِ

أنتِ الرَّبيعُ, وإلهامي ومالكتي

والنايُ يشدُو , وورقاءٌ تُجاريهِ

أنتِ الوفاءُ , وأنتِ في المدى وطني 

كالفجرِ أغدو وقد لاحَتْ معانيهِ

فالحُبُّ أنتِ , وكالألحانِ في لُغتي

تشدو وفاءً لجُندِ اللهِ تحميهِ

أنتِ الوجودُ , ولا أدري سِواهُ حمىً 

مَجنونُ , مَجنونُ مَن ْ والى العِدا فيهِ

هذي الرُّبوعُ , وأحبابٌ لنا رحلُوا

مِنْ أجل عِرْضٍ بنورِ العينِ نَفديهِ

هذا الترابُ وأبطالٌ لنا صمدُوا

في كلِّ شبرٍ عزيزٍ مِنْ نواحيهِ

هذا الترابُ وتدري كُلُّ جارحةٍ

فاحييهِ حُبّاً - أيا سمراءُ - فاحييهِ

يا خيرَ أرضٍ هواها عاشَ في دَمِنا 

حُبّاً طهوراً , نظيفاً في مراميهِ

ما غابَتِ الشام ُيوماً عنْ مُخيِّلتي 

في القلبِ أنتِ كحلمٍ في أمانيهِ

كم مِنْ شهيدٍ ودمعُ الأمِّ يغسلُهُ!

كمْ مِنْ شبابٍ مضى للمجدِ يُعليهِ!

كيفَ التّأسِّي, وجرحي راعفٌ أبداً؟!

والقلبُ باكٍ شجيٌّ , يا شجا التيهِ!

أنتِ السّفينُ لأحلامي , وبوصلتي

في البحر تُهدي إلى أغلى دراريهِ

ما حِدْتُ عَنْكِ ولا الحِرمانُ حيّرَني

ما كنْتِ يوماً سوى حلمٍ أُناجيهِ

مَحضْتُكِ الشِّعرَ, والذِّكرى ,  وخافقتي 

صوني الشّبابَ بحقِّ اللهِ صونيهِ

كالشَّامِ أنتِ  , ففي عينَيكِ ليلكتي

والياسَمينُ بدمعِ العينِ أَسقيهِ

وردٌ بروضِكِ ,  أمْ خمرٌ بداليةٍ 

والبانُ يزهو بحَليٍ مِن ْ تباهيهِ

والسّالفانِ وأحلامٌ لنا سرَحَتْ 

في ليلِ شَعْرٍ يُغالي في تثنّيهِ

هل تذكرينَ على الأيّامِ ربوتَنا 

والعمرُ حالٍ ,  وأنتِ في لياليهِ؟!

هل تذكرينَ معَ الأصحابِ رِحلتَنا 

والمَرجُ زاهٍ , وكنْتِ مِنْ  أقاحيهِ

هل تذكرين َ , وظلُّ الدَّوحِ يجمَعُنا 

والنّهرُ جارٍ , ونحلٌ في حوافيهِ

ليّا , وليلى, وعشّاقٌ وعَندلةٌ 

والورد ُ صاحٍ سعيدٌ في أماسيهِ

وكنْتِ أحلى مِنَ الأحلامِ إذْ سنحَتْ 

في خاطرِ الرَّوضِ , كنْتِ خيرَ مافيهِ

تَوْقيْ إليكِ , وتَحناني , وباصرتي

ترنو هياماً إلى عهدٍ أناجيهِ

قلبي تقلّبَ لا رَيبٌ , ولا دَخَلٌ

بل فوقَ جَمرٍ مِنَ الأشواقِ تكويهِ

قلبي تقلّبَ في أجفانِ شامَيَةٍ

تُقصيهِ حيناً , وبعضَ الحينِ تُدنيهِ


ياسين عزيز حمّود سورياى - من ديواني آهة على ضفاف الجراح


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

بعضي يئن قصيدة الشاعر الاستاذ طالب الفريجي

حييت غزة قصيدة الشاعر فيصل سليم التلاوي

وهج المحبة قصيدة الشاعر حكمت نايف خولي