احببت من شئت فانك مفارق قصيدة الشاعر محمود أمين آغا
أحببْ مَنْ شئتَ..فإنّك مُفارقه
اغرمْ بمَنْ كلِفَ الدُّنا بتَحرُّقِ
و الزم صَبابةَ خافِقٍ مُتشوِّقِ
أحببْ أليفاً قد سَباكَ بحُسْنِهِ
لا حسْنَ يبقى في عيونِ العُشَّقِ
ففؤادُ مَن تهوى سيغدو تالِفاً
لا شيءَ قطُّ يردُّ موتاً أو يقي
الدّهرُ باقٍ و الأنامُ إلى الرّدى
و الحقلُ ذاوٍ في الجَديبِ المُزهِقِ
اللّهُ باقٍ و الخلائقُ مَيْتةٌ
هذا يقينٌ في الكتابِ المُطلَقِ
كم من قصورٍ زارَها طيفُ الفنا
أضحتْ مهبّاً للرّياحِ الخُرّقِ
لم تبقَ دارٌ أو محطّةُ زائرٍ
غطّى الخريفُ نَضارَ فصلٍ مُغْدِقِ
يا أيُّها المَفتونُ..حَسْبُكَ غَفْلةٌ
هل من نَجاةٍ من مَصيرِ تَفرُّقِ
كلٌّ سيفنى هانِئاً و مُعَذَباً
و العُمرُ في دنيا الفناءِ كمُبرِقِ
يزهو قليلاً كالسَّرابِ بوَهْجهِ
و يؤولُ ذكرى في الخيالِ المُطْبِقِ
انظر إلى النّهرِ الكبيرِ تَدفُّقاً
يغفو بعيداً بعدَ طورِ تدفُّقِ
قد لفَّهُ صَمْتٌ مُخيفٌ هامِدٌ
في مُلتَقى بحرٍ خِضَمٍّ مُغْرِقِ
و انظر إلى الأطْيارِ في رَحْبِ السّما
حطّتْ على غُصْنٍ رَطيبٍ مُوْرِقِ
ما كانَ إلّا أن هوتْ من شاهِقٍ
و ذوى اليراعُ بحسرةٍ و تَرقُّقِ
الغُصْنُ يَذْبُلُ في الخميلةِ منظراً
يجفو الطّبيعةَ في زوالِ الرّونقِ
ترسو السّفائنُ في المَغارِبِ وهلةً
و يموتُ رُبّانٌ لها في المَشرِقِ
نُغْضي العيونَ عن البَهارِجِ بغتةً
يا حسْرةَ المَنكوبِ إثْرَ تَعلُّقِ..!
يا عاشِقاً كنزَ العَوالِمِ فتنةً
نَقْشٌ سيُمحى في البناءِ المُوْثَقِ
احذرْ هيامَ النّفسِ في أهوائها
فالقبرُ دارُ الرّوحِ بعد تألُّقِ
كم مِن حبيبٍ قد نَعِمْتِ بوَصْلِهِ
أمسى عدوّاً بعد طولِ تَملُّقِ
هذي هي الدُّنيا..محطّةُ عابِرٍ
في رحلةٍ نحوَ الخلودِ المُفلِقِ
محمود أمين آغ
ا
تعليقات
إرسال تعليق