ساعي البريد قصيدة الشاعر محمد طه عرجون
.......(ساعي البريد)
إليكِ الحبُّ ينبعُ من وَريدي
ألا فلتَسألي سَاعي البَريدِ
إذَا ما زَفَّ نحوَكِ لي خطَابا
يغرّدُ في الحَقيبةِ بالنّشيدِ
وبينَ يدَيه يزهُو بالمعَاني
كمَا زهَتِ الصّحائفُ بالقصيدِ
ومهمَا صغتُ من جُملٍ سيَبقى
من الكلماتِ لم ينفَد رَصيدي
كتبتُ.. وما كتبتُ سوَى حُروفٍ
تعبّرُ عن مدَى الحبِّ الشّديدِ
قراءَتُها تزيدُ الوعيَ حسّا
لمَا في العُمقِ من معنىً شَريدِ
يحيلُ الذّوقَ ذائقةً تنامَت
كأنّ الرّيحَ تعصفُ بالرّشيدِ
فيطربُ بالغناءِ إذا تهادَت
بها الألحانُ من نغمٍ لعودِ
فنَشتمُّ العبيرَ وقَد تهادَى
بما نشتَاقُ في الزّمنِ البعيدِ
هناكَ صدَى المَعالمِ أخبرَتنا
بلا صوتٍ عن المَجدِ التّليدِ
فلا قَد يستطيعُ بنا جبانٌ
بلوغَ العجزِ بالفعلِ البليدِ
وكلٌّ دونَنا يَحني رؤوسَا
لعزّتِنا لدَى الرّأي السّديدِ
ولا مُتجَبّرينَ لفرط بطش
ولا متَجاوزينَ على العَبيدِ
أمامَ الحقِّ أجمغهم سواءٌ
على نهجٍ يشَوقٍ للمَزيدِ
فلا الحَجّاجُ عكّرَ صفوَ ماءٍ
ولا مَا قد جنَته يدُ اليَزيدِ
وكلٌّ بالّذي يبغيه يحظَى
عليه يُثابُ في يومِ الوَعيدِ
لقَد بقي السّلامُ بلا انحناءٍ
يجوبُ الأرضَ بالخيرِ العديدِ
ويفرضُ بالجهادِ الحقِّ أمراً
على رأسِ المُكابرِ والعنيدِ
هي الأيامُ يا ليلى توالَت
لنحيَا في زمانِ المُستفيدِ
كأنَّ النّاسَ لا وعيٌ فيُرجى
به الإصلاحُ في العَصرِ الجليدي
ولا ما يستجدُّ من الأمَاني
إذا ما رُحتُ أسألُ عن جَديدِ
تراهُم هائمينَ بكلِّ وادٍ
بلا أثرٍ يدلُّ عَلى الجُهودِ
تهافتُهم على المَغزَى بغيضٌ
إذا ما نمَّ عن عقلِ الوليدِ
فلا ودٌّ صَحيحٌ راحَ يسمو
بهم فوقَ التّقوقعِ والجمودِ
وكَم من تافهٍ فيهم تمادَى
ليَسخرَ بالحمَاقةِ من فريدِ!!
فهَذا حالُنا يأسَى عليه
سَوابقُ مجدِنا في كلِّ عيدِ
فيَا ليلَى إذَا ما شئتِ قيسَا
فلن تَجديه في اليَمنِ السّعيد ِ
ولا عندَ العراقِ ولا بشامٍ
ولا في أيِّ قارعةٍ وبيدِ
فلا تَنكي الجرَاحَ لديّ يَكفي
ولا تُثري النّقاشَ ولا تَزيدي
إذا شئتِ الأمورَ كما ترَجّى
فللمَاضي الّذي ولّى استَعيدي
محمد طه عرجون
تعليقات
إرسال تعليق