الجواهري قصيدة الشاعر م.نواف عبد العزيز

 الجواهري

لا لـيـس عــنــديَ مـا أرثـي بـه الـعَــرَبـا

و لــن  أشــمَّ إلـى  لــقــيــاهُـمُ  الـتـُّرَبـا

حـسـبـي مِـنَ الـشـعـرِ إذ أرثـيـكَ  قـافـيـةٌ

أبـكـي  عـلـيـكَ  بـهــا  لا  أبـتـغــي  أربـا

فـيـا أمــيــرَ الـقـوافـي  الـغــرِّ  يـا  مـلـكاً

ومـلـكُـكَ الـشـعـرَ حـقٌّ لـيـس مُـغـتَـصَــبـا

ربَّ  الـبـحـورٍ و مـا ربٌّ  ســواك  لـهــا

قـولَ الـرصـافـي وقـد  أدْلـى  بـمـا  وجـبـا

يـا أيُّـهـا  الـجـبـلُ الـراسـي  و يـا  حُـلُـماً

تـرنـو  إلـيـه  فُـحـولُ  الـشـعـر  و  الأُدَبـا

يـا  أيُّـهــا  الـنــبــعُ  ثًـجّـاجـاً  بـمـنـحَــدَرٍ

يـزيـدُكَ  الـعَـبُّ  مـنـكَ  الـسـيـلَ والـسَّـرَبـا

و نـبـعُ  غـيـرِكَ  مـهـمـا  فـار يُـنـقِـصُــه

بـعـضُ ارتـشـافٍ وإنْ لم يَـغْـلُ مَـن شـرِبـا

بـكـيـتُ  فـيـكَ  مـن  الأشـعـار أعـذبَـهــا

والـســحـرَ  و الـفــنَّ  و الإبــداع  و الأَدَبـا

و مـا  بـكـيــتُ  عــراقًـا  لا  و  لا  بـلـدًا

و مـا  بـكـيـتُ عـلـى الأعــراب  مٌـنـتًـحِـبـا

دمـعـي أعـزُّ،  وقــد  أغْـلـيـتُــه ثـمــنــاً،

مـن  أمـةٍ  تـشــتـكـي  مِـن  ذُلِّـهــا  الـلَّـغَـبـا

مِـن أمـةٍ  لـم  تـرُمْ فـي الـنَّـجْـم  مـنـزلـةً

و لـم تَـصِـلْ، مـن هـوانٍ، لـلـسّــمـا  سَـبَـبـا

هـانـتْ عـلـى نـفـسـهـا لـم تُـعْـلِ هـامتَهـا

بـيـن الـرؤوس و ظـلَّـتْ  تـحـرس  الـذَّنـبـا

فـفـيـم  أبـكـي  عـلـيـهــا  و هْـيَ  سـادرةٌ

فـي غـيِّـهـا تـرتـجـي فـي الـغـرب مُرتغَـبـا

وتـدًّعـي  الـديـنَ  والأخـلاقَ  وهْـي بـلا

ديــنٍ  و لا خُــلُــقٍ ،  لاذتْ  بــه   كًــذِبـا

لـو أنّـهــا صـدقـتْ حـاشـا تـهـون  عـلـى

ربِّ  الـعـبــاد  و حـاشـا أن  تـضـيـعَ  هَـبـا

لـو هــزَّتِ  الـجـذعَ  إيـمـانـا  مُـسـلِّـمــةً

لـلـه  مُـخـلـصَــةً  نـالــت  بــه  الــرُّطَـبـا

وكــم  بـكـيـتَ  عـلـيـهـا  وهْـي لاهـيــةٌ

وكـم  هـتـفـتَ  وكـم  حـرَّضـتَـهـا  غَـضِـبـا

فـكـنـتَ  تـنـفـخ  فـي  نـارٍ  بـلا حـطـبٍ

ولــيــتَ   أنـهُـمُ  كـانــوا  هـمُ  الـحَـطَـبـا

"أبـا فــراتٍ وحــتـى الـيـوم مـا بــرحـت

صـنـاجـة الـشـعـر تهـدي المترفَ الطرَبـا"1

أبـا فـراتٍ و كـم دبَّـجْـتَ قــافــيــةً

في دجلة الـخـيـرِ تـسـتـوحي الجمالَ صِـبـا

سـتٌّ وعـشـرون قـد مرتْ وما خـفـتـتْ

بـنـاتُ  فـيـكَ  و كـنـتَ  الـشـاعـرَ الـلَّـجِـبـا

**********

مـددتَ للكـوفـةِ الـحـمـراءِ مِـنْ نـجـفٍ

تُـدْني زمـانَ الـذي آخـيـتَـه طُـنُـبـا

كُـرمى وشـائـجِ قُـربـى رُمـتَـهـا نَـسَـبـاً

لـكــنـهــا لـم تـكـنْ قُـربـى و لا نـسَـبـا

الـشـاغـلِ الـدَّهْـرَ أجـيـالاً و أحـقِـبَـةً

ومُـتـعِـبِ الـنـاسَ لـم يـجْـهَـدْ و مـا تَـعِـبـا

يـا ابـنا الفـراتـيـن كانا في الهوى لكما

أمـاً بـكـتْ وَلَـدَيـهـا حـيـنـمــا ذهـبـا

وطـوَّفـا في فِـجـاجِ الأرض قـاطـبـةً

عـسـى يـنـالان مـنهــا مـا الـذي طَـلَـبـا

وأفْـنَـيـا الـعـمـرَ فـي هَـمٍّ ومـا رجـعـا

وعـجَّـل الـمـوتُ دون الـمـلـتـقـى، و أبـا

كـلاكُـمـا  مُـلـهَـمٌ  بِـدْعٌ  بـلا  شًـبَـهٍ

تـبــارك  الـلــه  إذ  ســـواكُـمـا   و  حَـبـا

فـكـنـتُـمـا الشاعـرَيْـن الأكـبـريـن عـلى

مـرِّ الـعـصــور  و كـنـتُـم  بِـدعـةً  عَـجَـبـا

"الـتّـاركَـيْـن مـنَ الأشـيـاءِ أهــونَـهــا"²

والـسـالـكَـيْـنِ مـن الأنْـحـاءِ   مـا صَـعُـبـا

الـنّـاكِـبَـيْـنِ عـنِ الأهــواءِ أرْذلِـهــا

والـرّاكـبـيْـن مـنَ الأمـواجِ مـا اضْـطَـرَبـا

فـغـاب صِـنْـوُكَ في طَيِّ المدى جـسـدًا

ولـم يـزلْ شـاغـلًا في الـنـاس مَـنْ رَغِـبـا

ثـم انـطـلـقـتَ  فـلـم  يـبْـلُـغْـكَ مـن أحـدٍ

حـتّـى  بـلـغــتَ  مـدارَ  الـنـجـمِ  و الـشُّـهُـبـا

جـوادُ شـعـركَ في المضمار غـيـرُ ونٍ

وجُـلُّـهــم  فـي  مـيـاديـنِ  الـســبـاقٍ  كًـبـا

**********

يـا غـادةَ الـجـيـكِ قـد أطـربـتِ شاعرَنا

فـهــزًّه   شَـــجَـنٌ  إذ  كـان  مُـغــتــرِبـا

أبـا فـراتٍ وفي نُـعـمـى الهـوى طـربٌ

بـه  الـصّـبـيُّ  وحـتـى الـشـيـخُ  قـد  طـرٍبـا

نـاجـيـتُ قـبـرَكَ أسـتـجْـلـي غـيـاهــبَـه

عَـلّـي أُنَـبَّـأ عـن تـالـيـكَ مـا حُـجِـبـا

وإنْ أنـاجِ فـقــد نـاجـيـتُ مَـرْحـمـةً

لـعـلَّ لـوحـكَ غـيـر الـخـيـر مـا كَـتَـبـا

وقـد أُنـبـأ عـن تـاجٍ خُـلـقـتَ لــه

أثَـمَّ غـيـرُك مـوهــوبٌ لــه وُهِـبـا

لا أوحـشَ اللهُ قـبـراً أنـتَ ســـاكـنُــه

أظـنُّـه الـروضَ فـيـه الـيـاســمـيـنُ رَبـا

"دمعٌ جرى فقضى في الربع ما وجـبـا

لأهـلـه و شــفـى أنّـى و لا كَـرَبـا"3

"فالموتُ أعذرُ لـي والصبرُ أجملُ بـي

والـبَــرُّ  أوســعُ و الـدنــيــا لـمـن غَــلَـبـا"4

1 من قصيدة "أبو العلاء" للجواهري ولكن في قصيدة الجواهري يقول: أبا العلاء.

2،3،4 من قصيدة للمتنبي في مدح المغيث بن علي بن بشر العجلي.

م. نواف عبد العزيز

أبو عبادة


٨/٥/٢٠٢٣

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

بعضي يئن قصيدة الشاعر الاستاذ طالب الفريجي

وحي وهدى قصيدة الشاعر احمد زكي سعادة

حييت غزة قصيدة الشاعر فيصل سليم التلاوي